بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله، وصلى الله على سيدنا محمد وآله وسلم
د : محمد الراضي بن سيدي حمزة كنون الحسني الإدريسي
سألني أحَدُ الإخوان الباحثين من الجزائر الشقيقة سؤالًا يستَفْسِرُ فيه عن بيتين من الشعر الصوفي، ذكر أنهما من شِعْرِ سيدنا الختم أبي العباس التجاني رضي الله تعالى عنه، وذكر أيضا أنه وَجَدَ ذلك في تقييدٍ قديمٍ، يُوجَدُ تحت يديه، ونَصُّ البيتين:
ظَهَرْتَ فَلَمْ تَخْفَى عَلَى ذِي حَقِيقَةٍ = وَغِبْتَ فَلَمْ تُظْهِرْكَ إِلَّا الحَقَائِقُ
فَمَا أَنْتَ هَذَا الكَوْن بَلْ أَنْتَ عَيْنُهُ = وَيَفْهَمُ هَذَا السِّرَّ مَنْ هُوَ ذَائِقُ
قلْتُ: اعلم يا أخي أن سيدنا الشيخ أبا العباس التجاني رضي الله عنه كان كثيرا ما يستشهد بكلام وأشعار من سبقه من الأولياء الكبار، كالشيخ سيدي عبد القادر الجيلاني، ومحي الدين ابن عربي الحاتمي، وابن الفارض، وابن وفا، والتستري، وغيرهم
وفي كتابي جواهر المعاني والجامع جملة من أقوال هؤلاء الأئمة المذكورين، بل نجده رضي الله تعالى عنه يقدم على شرح بعض المقطعات ذات الصلة بالتصوف وشواهده ومراميه، كقول الشيخ محي الدين ابن عربي [كنا حروفا عاليات لم تقل] وكقول بعضهم [تَسَتَّرْتُ عَنْ دَهْرِي بِظِلِّ زَمَانِهِ] وكذلك قول الآخر [عَيْنَانِ عَيْنَانِ لَمْ يَكْتُبْهُمَا قَلَمٌ]
واعلم يا أخي أيضا أن أشعار سيدنا الشيخ رضي الله تعالى عنه معروفة لدى أهل هذا الشأن، لا تخفى عليهم، بل هي منقوشة في أذهانهم، وقد جمعها عن آخرها العلامة سيدي أحمد سكيرج في بعض تقاييده.
ومن جميل ما يذكر في هذا الباب أن العلامة سيدي أحمد سكيرج رحمه الله ورضي عنه كان خبيرا بكلام سيدنا الشيخ أبي العباس التجاني رضي الله عنه، مطلعا عليه، دقيقا في معرفته والتمييز بينه وبين غيره، وكان بعض كبار علماء عصره يلجأون إليه في هذا الصدد، تماشيا مع اطلاعه وكفاءته المعروفة، وقد سأله بعضهم يوما، فقال: كيف تستطيع تمييز كلام سيدنا الشيخ رضي الله عنه من كلام غيره من الأكابر، مع تشابه المفاهيم والدلالات، وتماثل المعاني، فأجاب السائل بقول الشاعر:
دَلَائِلُ الصِّدْقِ لَا تَخْفَى عَلَى أَحَدٍ * إِلَّا عَلَى جَاهِلٍ بِالشَّمْسِ وَالقَمَرِ
وخلاصة القول فالبيتان اللذان سألت عنهما ليسا من شعر سيدنا الشيخ رضي الله تعالى عنه، وقد قلت أنه ذكرهما في بعض رسائله، فهذا أيضا لا يعني أنهما من شعره، بل ذكرهما في باب الإستشهاد بهما لا غير.
واعلم أن البيتين من شعر الشيخ محي الدين ابن عربي الحاتمي، وهما ضمن [ديوان إشراق البهاء الأمجد، على ترتيب حروف أبجد، من كلام الشيخ محي الدين ابن عربي الحاتمي] كما ذكرهما الأستاذ عبد العزيز سلطان المنصوب، في جمعه لديوان الشيخ ابن عربي، المعنون بـ : المعارف الإلهية، واللطائف الروحانية 4: 343.
وفي هذا الجواب كفاية، والسلام عليكم
وصلى الله على سيدنا محمد وآله وسلم
موضوع سابق
موضوع التالي
0 تعليقات