قال العَلَّامَةُ سَيِّدِي أَحْمَدُ سُكَيْرِجُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فِي كِتَابِهِ الجَوَاهِرِ الغَالِيَةِ المُهْدَاةِ لِذَوِي الهِمَمِ العَالِيَةِ: وَكَانَ سَيِّدُنَا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ مُدَاوِمًا عَلَى قِرَاءَةِ آيَةِ الكُرْسِي فِي الرَّكْعَةِ الأُولَى مِنْ صَلَاةِ الصُّبْحِ، وَيَقْرَأُ فِي الرَّكْعَةِ الثَّانِيَةِ سُورَةَ القَدْرِ مُدَّةً مَدِيدَةً إِلَى أَنْ تُوُفِّيَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ.
وقال كذلك في نفس الكتاب: حَدَّثَنِي سَيِّدِي وَمَوْلَايَ أَحْمَدُ العَبْدَلَّاوِي رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ سَيِّدَنَا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ كَانَ يَقْرَأُ فِي السُّجُودِ الأَوَّلِ مِنْ كُلِّ رَكْعَةٍ هَذَا التَّسْبِيحَ الكَبِيرَ القَدْرِ المَشْهُورَ وَهُوَ: سُبْحَانَ اللَّهِ وَالحَمْدُ لِلَّهِ وَلَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَاللَّهُ أَكْبَرُ وَلَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ مِلْءَ مَا عَلِمَ وَعَدَد مَا عَلِمَ وَزِنَةَ مَا عَلِمَ، وَفِي السُّجُودِ الثَّانِي صَلَاةَ الفَاتِحِ لِمَا أُغْلِقَ. إلخ.. قَالَ: وَهَذَا بَيْنَ أَصْحَابِ الشَّيْخِ مَشْهُورٌ مَعْرُوفٌ
...
يقول العلامة سكيرج:
كم صلاة واصلات في الصلاه = للمصلي قد وقته من صلاه
يا لها من حضرة قد فتحت = للمصلي لمناجاة الإله
والمناجاة بها كل المنى = والذي يعنو لها تعلو علاه
كيف لا يعلو بها بين الورى = وبها شطر له مما تلاه
وبها قرة عين لا ترى = غير مولاها العلي جل علاه
ولهذا المصطفى قال لنا = جعلت قرة عيني في الصلاه
ويتفاوت مقام الداخلين لهذه الحضرة بقدر ما لهم من المعرفة، وما لديهم من الفتوحات الربانية التي وردت عليهم فيها، وهي من أجل النعم التي لا تظهر كرامتها إلا في عرصات القيامة، ويرى نتيجتها من أقامها بأتمّ إقامة، ولما لها من عظيم الفضل يجتهد أكثر المفتوح عليهم لاغتنام فرصة صحتهم، وفراغهم بعمارة أوقاتهم، بالركوع والسجود المحمود، بعد أداء المفترض المحدود، وفي الحث على ذلك أنشد الإمام البخاري
اغتنم في الفراغ فضل ركوع ... = ... فعسى أن يكون موتك بغته
كم صحيح رأيت من غير سقم ... = ... ذهبت نفسه الصحيحة فلته
ولغيره:
اغتنم ركعتين في ظلمة الليـ=ــــل إذا كنت فارغا مستريحا
وإذا ما هممت بالخوض في البا ... = ... طل فاجعل مكانه تسبيحا
وقلت (أي العلامة سكيرج) في مثل هذا:
اغتنم فرصة الفراغ فقم فيـ=ـــها لمولاك متقنا للصلاة
فإقامتك الصلاة بها تحـ=ــــرز في الدارين خير الصلات
....
- قال العلامة سيدي أحمد بن العياشي سكيرج رضي الله عنه في الكوكب الوهاج: قال العارف الرباني أبو محمد المرجاني قدس سره قوله صلى الله عليه و سلم كما صليت على إبراهيم و كما باركت على إبراهيم و لم يقل كما صليت على موسى عليه السلام لأن موسى كان التجلي له بالجلال فخر موسى صعقا و الخليل عليه السلام كان التجلي له بالجمال لأن المحبة و الخلة من آثار التجلي بالجمال فلهذا أمرهم صلوات الله و سلامه عليه أن يصلوا عليه كما صلى على إبراهيم يسألوا التجلي بالجمال و هذا لا يقتضي التسوية فيما بينه و بين الخليل صلوات الله و سلامه عليهما لأنه إنما أمرهم أن يسألوا له التجلي بالوصف الذي تجلى به للخليل عليه السلام فالذي يقتضيه الحديث المشاركة في الوصف الذي هو التجلي بالجمال و لا يقتضي التسوية في المقامين و لا في الرتبتين فإن الحق سبحانه يتجلى بالجمال لشخصين بحسب مقاميهما و إن اشتركا في وصف التجلي بالجمال فيتجلى لكل واحد منهما بحسب مقامه عنده و رتبته منه و مكانته فيتجلى للخليل عليه السلام بالجمال بحسب مقامه فعلى هذا يفهم الحديث.
...
فإذا فرغت من الصلاة، فاعلم أن من أوراد القطب المكتوم والختم المحمدي المعلوم مولانا الشيخ أبي العباس التجاني رضي الله عنه دبر الصلوات:
فَاتِحَةُ الكِتَابِ أَرْبَع مَرَّاتٍ
ــ ثُمَّ آيَةُ الكُرْسِيِّ مَرَّةً
ــ ثُمَّ: اللَّهُمَّ إِنِّي أُقَدِّمُ إِلَيْكَ بَيْنَ يَدَيْ كُلِّ نَفَسٍ وَلَمْحَةٍ وَلَحْظَةٍ وَطَرْفَةٍ يَطْرِفُ بِهَا أَهْلُ السَّمَوَاتِ وَأَهْلُ الأَرْضِ، وَكُلِّ شَيْءٍ هُوَ فِي عِلْمِكَ كَائِنٌ أَوْ قَدْ كَانَ، أُقَدِّمُ إِلَيْكَ بَيْنَ يَدَيْ ذَلِكَ كُلِّهِ وَعِنْدَ ذَلِكَ كُلِّهِ وَمِلْئَ ذَلِكَ كُلِّهِ، اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الحَيُّ القَيُّومُ، إِلَى قَوْلِهِ تَعَالَى [العَظِيمُ (1) ]
ــ ثُمَّ سُورَةُ الإِخْلَاصِ مَرَّةً، يَضَعُ يَدَهُ عَلَى عَيْنِهِ وَيَقْرَؤُهَا، وَيَضَعُ أَيْضاً يَدَهُ عَلَى صَدْرِهِ وَيَقْرَؤُهَا.
ــ ثُمَّ أَعُوذُ بِكَلِمَاتِ اللَّهِ التَّامَّاتِ مِنْ شَرِّ مَا خَلَقَ، بِاسْمِ اللَّهِ الَّذِي لَا يَضُرُّ مَعَ اسْمِهِ شَيْءٌ فِي الأَرْضِ وَلَا فِي السَّمَاءِ وَهُوَ السَّمِيعُ العَلِيمُ، ثَلَاثاً.
ــ ثُمَّ تَبَارَكْتَ إِلَهِي مِنَ الدَّهْرِ إِلَى الدَّهْرِ، وَتَعَالَيْتِ إِلَهِي مِنَ الدَّهْرِ إِلَى الدَّهْرِ، وَتَقَدَّسْتَ إِلَهِي مِنَ الدَّهْرِ إِلَى الدَّهْرِ، وَأَنْتَ رَبِّي وَرَبُّ كُلِّ شَيْءٍ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ يَا أَكْرَمَ الأَكْرَمِينَ وَالفَتَّاحَ بِالخَيْرَاتِ اغْفِرْ لِي وَلِعِبَادِكَ الَّذِينَ آمَنُوا بِمَا أَنْزَلْتَ عَلَى رُسُلِكَ (2) .
ــ ثُمَّ سُبْحَانَ مَنْ تَعَزَّزَ بِالعَظَمَةِ، سُبْحَانَ مَنْ تَرَدَّى بِالكِبْرِيَاءِ، سُبْحَانَ مَنْ تَفَرَّدَ بِالوَحْدَانِيَةِ، سُبْحَانَ مَنِ احْتَجَبَ بِالنُّورِ، سُبْحَانَ مَنْ قَهَرَ العِبَادَ بِالمَوْتِ، وَصَلَّى اللَّهُ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ النَّبِيِّ الكَرِيمِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ تَسْلِيماً (3) .
ــ ثُمَّ قَوْلُهُ تَعَالَى [شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ، إِلَى [الإِسْلَامُ ] وَقُلِ اللَّهُمَّ مَالِكَ المُلْكِ ، إِلَى [حِسَابٍ (4) ] دُبُرَ كُلِّ صَلَاةٍ.
-----------------------
(1) ــ قَالَ سَيِّدُنَا الشَّيْخُ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ فِي مَعْرِضِ حَدِيثِهِ عَنْ هَذَا الدُّعَاءِ وَثَوَابِهِ ضِمْنَ رِسَالَتِهِ الَّتِي بَعَثَ بِهَا إِلَى صَاحِبِهِ سَيِّدِي مُحَمَّدٍ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ التِّلِمْسَانِي: كُتِبَ لَهُ فِي كُلِّ سَاعَةٍ مِنْ سَاعَاتِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ سَبْعُونَ أَلْفَ أَلْفِ حَسَنَةٍ مِنْ وَقْتِ قِرَاءَتِهِ إِلَى حِينِ يُنْفَخُ فِي الصُّورِ. [الرِّسَالَةُ مَنْقُولَةٌ عَنْ آخِرِهَا فِي كَشْفِ الحِجَابِ، عَمَّنْ تَلَاقَى مَعَ الشَّيْخِ التِّجَانِي مِنَ الأَصْحَابِ، لِلْعَلَّامَةِ سُكَيْرِجَ]
(2) ــ قَالَ العَلَّامَةُ سَيِّدِي مُحَمَّدُ بْنُ المَشْرِي فِي كِتَابِهِ الجَامِعِ لِمَا افْتَرَقَ مِنْ دُرَرِ العُلُومِ، الفَائِضَةِ مِنْ بِحَارِ القُطْبِ المَكْتُومِ: قَالَ جِبْرِيلُ عَلَيْهِ السَّلَامُ: سَأَلْتُ إِسْرَافِيلَ عَنْ ثَوَابِ هَذِهِ الكَلِمَاتِ، قَالَ لِي: مَنْ قَالَهَا فِي دَهْرِهِ مَرَّةً مَا شَقَى بَعْدَهَا أَبَداً. وَلَا يَقُولُهَا عَبْدٌ ثُمَّ يَسْأَلُ حَاجَتَهُ إِلَّا قَضَاهَا لَهُ، وَلَمْ يَقُلْهَا عَبْدٌ بَعْدَ صَلَاةٍ إِلَّا تَقَبَّلَ اللَّهُ صَلَاتَهُ وَسَائِرَ أَعْمَالِهِ.
(3) ــ قَالَ العَارِفُ بِاللَّهِ سَيِّدِي الحَاجُّ عَلِيٌّ حَرَازِمُ فِي جَوَاهِرِ المَعَانِي: وَفَضْلُهُ [يَعْنِي هَذَا الدُّعَاءَ] مَنْ دَاوَمَ عَلَيْهِ دُبُرَ الصَّلَوَاتِ يَبْعَثُ اللَّهُ لَهُ مَلَكاً يُؤَدِّي عَنْهُ الصَّلَوَاتِ الفَوَائِتَ، يَعْنِي الفَرَائِضَ الَّتِي تَرَتَّبَتْ فِي ذِمَّتِهِ، لَكِنْ لَا يَعْتَمِدُ هَذَا، بَلْ إِنْ تَرَتَّبَتْ فِي ذِمَّتِهِ صَلَوَاتٌ فَلْيُقْضِهَا، وَفَضْلُ اللَّهِ أَوْسَعُ.
(4) ــ قَالَ سَيِّدُنَا الشَّيْخُ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ فِي مَعْرِضِ حَدِيثِهِ عَنْ هَذَيْنِ الآيَتَيْنِ وَثَوَابِهِمَا ضِمْنَ رِسَالَتِهِ الَّتِي بَعَثَ بِهَا إِلَى صَاحِبِهِ سَيِّدِي مُحَمَّدٍ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ التِّلمساني: فَإِنَّهُمَا تَعَلَّقَتَا بِالعَرْشِ حَيْثُ أَرَادَ اللَّهُ هُبُوطَهُمَا إِلَى الأَرْضِ، وَقَالَتَا : يَا رَبَّنَا تُهْبِطُنَا إِلَى الأَرْضِ وَإِلَى مَنْ يَعْصِيكَ، فَقَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ : بِي حَلَفْتُ لَا يَقْرَؤُكُنَّ أَحَدٌ دُبُرَ كُلِّ صَلَاةٍ إِلَّا أَسْكَنْتُهُ القُدُسَ، وَلَأُعِيذَنَّهُ مِنْ كُلِّ عَدُوٍّ، وَلَأَنْظُرَنَّ إِلَيْهِ بِعَيْنِيَ المَكْنُونَةِ كُلَّ يَوْمٍ، وَلَأَقْضِيَنَّ لَهُ فِي كُلِّ يَوْمٍ وَفِي كُلِّ نَظْرَةٍ سَبْعِينَ حَاجَةً
0 تعليقات