سُئِلَ سَيِّدُنَا الشيخ التجاني رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَأَرْضَاهُ وَعَنَّا بِهِ عَنْ حَقِيقَةِ التَّصَوُّفِ، فَأَجَابَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ بِقَوْلِهِ: اعْلَمْ أَنَّ التَّصَوُّفَ هُوَ امْتِثَالُ الأَمْرِ، وَاجْتِنَابُ النَّهْيِ فِي الظَّاهِرِ وَالبَاطِنِ مِنْ حَيْثُ يَرْضَى، لَا مِنْ حَيْثُ تَرْضَى.
وَقَالَ العَارِفُ بِاللَّهِ سَيِّدِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ الفَاسِي فِي كِتَابِهِ مِفْتَاحِ الشِّفَاءِ: أَصْلُ عِلْمِ التَّصَوُّفِ الإِنْقِطَاعُ إِلَى اللَّهِ وَالإِعْرَاضُ عَنْ زُخْرُفِ الدُّنْيَا وَزِينَتِهَا. وَكَانَ ذَلِكَ عَامّاً فِي الصَّحَابَةِ وَالسَّلَفِ، فَلَمَّا فَشَا الإِقْبَالُ عَلَى الدُّنْيَا، اخْتَصَّ المُعْرِضُونَ عَنْهَا، المُقْبِلُونَ عَلَى رَبِّهِمْ بِاسْمِ الصُّوفِيَّةِ.
وَقَالَ الإِمَامُ الغَزَالِي قُدِّسَ سِرُّهُ: التَّصَوُّفُ سَلَامَةُ الصُّدُورِ وَاتِّبَاعُ الرَّسُولِ، وَإِلَّا فَالشَّيْطَانُ دَلِيلُهُ وَهَوَاهُ مَعْبُودُهُ. وَقَالَ العَارِفُ بِاللَّهِ الشَّعْرَانِي فِي طَبَقَاتِهِ: التَّصَوُّفُ عِبَارَةٌ عَنْ عِلْمٍ انْقَدَحَ فِي قُلُوبِ الأَوْلِيَاءِ حِينَ اسْتَنَارَتْ بِالعَمَلِ بِالكِتَابِ وَالسُّنَّةِ، فَكُلُّ مَنْ عَمِلَ بِهِمَا انْقَدَحَ لَهُ مِنْ ذَلِكَ عُلُومٌ وَآدَابٌ وَأَسْرَارٌ وَحَقَائِقُ تَعْجِزُ الأَلْسُنُ عَنْهَا
(مقتطف من كتاب الكوكب الوهاج، للعلامة سيدي أحمد بن الحاج العياشي سكيرج)
موضوع سابق
موضوع التالي
0 تعليقات